Enter your keyword

المسافر فيروس كورونا

المسافر فيروس كورونا

المسافر فيروس كورونا

في الوقت الذي حصنت فيه معظم الدول مطاراتها وأغلقتها خوفاً من تسرب فيروس كورونا وأوقفت طيران وعمل أساطيلها الجوية، ومنعت مواطنيها من السفر، وأمرت من كان بالخارج للعودة فوراً ليتم غلق مجالاتها الجوية بعد ذلك، وهو ماب دأت به دول الاتحاد الأوروبي فعلاً وعلقت الرحلات الجوية الدولية، إذ ثبت قطعيًا أن مصدر الفيروس هو خارجي يحمله المسافرون القادمون معهم،  وأن الطائرات والمطارات هي الوسيط المساعد على انتشار جائحة فيروس كورونا، وبالرغم من أن تلك المعلومات باتت ثابته عملياً وطبياً لا خلاف عليها إلا أن الناقل الجوي الوطني يتمادى في سلوكه المناقض لتلك الثوابت، وفي إصرار غريب ومخالف للمصلحة العامة الوطنية بنشر الإعلانات عن عزمه زيادة رحلاته الجوية إلى مطارات الدول الموبوءة بالفيروس لينقل منها وإليها المسافرين العالقين في المطارات المختلفة بسبب تخلي دولهم عنهم بجلبهم ونقلهم إلى قاعات الترانزيت في محطته الرئيسية بالدوحة. والمسافرون من جنسيات دول كبرى عريقة تمتلك من الأساطيل الجوية أضعاف ما يملكه الناقل الوطني للقيام بالمهمة. وتكمن الخطورة في أن مسافري الترانزيت  يقضون ساعات طويلة بداخل الطائرات أو في قاعات الترانزيت التي قد يخلف البعض منهم فيها آثاراً لفيروس كورونا وهم في طريق سفرهم  إلى أوطانهم المختلفة شرقًا وغربًا شمالًا وجنوباً وبالعكس مما قد ينتقل هذا الفيروس إلى بعض أفراد طاقم الضيافة والطيارين أو العاملين في المطار الذين يقيم جميعهم في العاصمة الدوحة.ويثور التساؤل كيف لناقل وطني يُعرضُ موطنه ومواطنيه للخطر في سبيل أن ينقل مواطنين ينتسبون بجنسايتهم لدول قادرة وملزمة قانوناً تجاه مواطنيها بسلامتهم في حلهم وترحالهم؟  وكيف يجرؤ الناقل الوطني ودون الشعور بأي مسؤولية على زيادة رحلاته الجوية إلى مطارات فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والتي صنفت حالياً من البؤر الجديدة للوباء بما فيها امريكا؟ ثم أليس غريباً أن يكون الناقل الوطني هو الوحيد الذي يطير في معظم أجواء الأرض حالياً في هذه الأزمة الخطيرة؟ ألا يعتبر هذا نوعاً من الاستغلال للناقل الوطني من الدول الأخرى؟  أو أن الناقل الوطني يعتبر أن الأمر فرصة ثمينة لتشغيل طائراته؟ وهل فقط طائرات الناقل الوطني هي الوحيدة في العالم المزودة بأجهزة التهوية الحديثة الطاردة لفيروس كورونا؟ وهل الناقل الوطني هو الوحيد الذي يحوز  على أجهزة الفحوصات الحرارية لموظفيه في المطار؟ ولماذا سُخر الناقل الوطني وحيداً من دون شركات الطيران الأخرى في العالم من أجل شمل الأحبة؟ والسؤال الأهم من كل ذلك، لماذا لا ينصاع الناقل الوطني كما في الدول الأخرى إلى الإجراءات الاحترازية والوقائية التي تصدر يومياً من الجهات المختصة في موطنه؟ ولماذا لا يُلزم الناقل الوطني من قبل الجهات المختصة في موطنه بضرورة احترام تلك الإجراءات؟ ويظهر بمظهر وكأن الوطن وصحة مواطنيه لا تعنيه. ألا يضر ذلك بسمعة الوطن الذي يمثله الناقل الوطني؟نصت المادة (٢٣) من الدستور القطري على أن: (تعنى الدولة بالصحة العامة، وتوفر وسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة وفقاً للقانون) والمقصود بالصحة العامة حماية الأفراد ضد الأخطار التي تهدد صحتهم من الأوبئة وأخطار العدوى، ويكون لوزارة الصحة أن تتخذ ما تراه لازماً من الإجراءات الضبطية للمحافظة على صحة الناس ومكافحة الأوبئة وهي إجراءات لها طابع الإجبار تفرض على الأشخاص العامة والخاصة والأفراد، بما يتعين من الجميع دون استثناء الانصياع لهذه الإجراءات والالتزام بها لا فرق بين فرد أو شركة وغيرهما، ذلك أنه من المبادئ الرئيسية العامة التي تقوم عليها الدولة المتحضرة تضامن جميع الأفراد لتحقيق الغايات والمصالح العامة في نطاق إقليم الدولة ووجوب احترام السلطة العامة من الجميع وتقديم الصالح العام على الصالح الخاص للأفراد أو الشركات إذا وجد التعارض بينهما.من هنا يتعين على الناقل الجوي الوطني أن يحترم وينصاع لتنفيذ كافة ماتصدره الدولة من قرارات احترازية مؤقتة لوقف انتشار فيروس كورونا ويجب على الجهات المختصة لاكتساب ثقة المواطنين أن لا تستثني أحداً من تنفيذ تلك القرارات حفاظاً على الصحة العامة، لا سيما وأن جميع الإعلانات الصادرة من وزارة الصحة أكدت على أن إصابات كورونا التي سجلت في البلاد هي لمسافرين وصلوا إلى البلاد من الخارج وبرفقتهم  المسافر فيروس كورونا الذي نقله الناقل الجوي الوطني.  

                                        يوسف احمد الزمان